من الكتابات الهامة التي تتناول بالتحليل الفكر العلماني في العالم الغربي، وانتقاله إلى عالمنا الإسلامي وآثارها في الحيـــاة الإسلامية المعاصرة، رسالة الماجستير التي أعدها الشيخ العلامة "سفر بن عبد الرحمن الحوالي"، والتي كانت بعنوان "العلمــــانيــــــة: نشأتها وتطورها و آثارها في الحيـــاة الإسلامية المعاصرة" ويشير المؤلف في مقدمة كتابه أن سبب اختياره لتناول هذا المذهب الهدام يرجع إلى غموض المدلول الحقيقي لهذا المذهب الخادع بالنسبة لكثير من المثقفين، فضلاً عن العامة؛ فعلى الرغم من الكساد الذي بدأت المذاهب الأخرى، كالشيوعية والاشتراكية، تمنى به بعد اكتشاف الجماهير لحقيقتها؛ ما تزال أسهم العلمانية مرتفعة، سواء باسمها الصريح، أو تحت شعار الديمقراطية، أو شعار "الدين لله والوطن للجميع" ، أو شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين". بالإضافة أن تأثير هذا المذهب الهدام موجودة في كل نواحي الحياة الإسلامية المعاصرة وإن لم يكن لها وجود ذاتي متكامل، كما هو الحال في أوروبا.
وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أبواب: تناول في الباب الأول دين أوروبا الذي انحرفت عنه إلى اللادينية، أثبت من خلاله تحريف الدين النصراني، وأنه لا يمثل دين الله الحق لا في العقيدة ولا في الشريعة. وتعرض بالنقد للتحريفات والبدع والخرافات النصرانية، وقد أفاض المؤلف في ذكر هذه الخرافات نظرا لأنه يعتبر أن السبب الأكبر في انحراف أوروبا كان من صنع الكنيسة، وأن على العكس من ذلك فإن الإسلام يحارب الخرافة كما يحارب الإلحاد، ومن ثم فليس هناك أي مبرر لنقل هذا المذهب إلى العالم الإسلامي.
وفي الباب الثاني تناول المؤلف بشيء من التفصيل أسباب ظهور العلمانية وانتشارها في أوروبا، وقد أرجعها المؤلف إلى عدد من الأسباب أهمها:
- الطغيان الكنسي: دينياً وسياسياً ومالياً، وقد أيد ذلك بالكثير من الشواهد التاريخية.
- الصراع بين الكنيسة والعلم، عرض فيه الصراع بينهما عرضاً تاريخياً منذ نظرية كوبرنيك، إلى نظرية نيوتن بمدرسة النقد التاريخي، ومذهب الربوبيين والملحدين الأوائل.
- الثورة الفرنسية: التي تمكنت من إقامة دولة لادينية في أوروبا النصرانية، موضحا الأسباب وراء ظهور هذه الدولة والآثار الناجمة عنها واستغلال القوى الهدامة لها.
- نظرية التطور: التي كانت إيذاناً بانتهاء وصاية الكنيسة الفكرية على أوروبا، وانسحابها من الميدان إلى الأبد.. وقد تحدث عن الآثار المدمرة للنظرية في الفكر والحياة وتطبيقها المريب في حقول المعرفة وميادين السلوك.
-اليهود: وقد أشار المؤلف أنه لا يمكن اعتبار اليهود سببا مستقلا؛ نظرا لأنهم لم يكونوا يصنعون الأحداث ولكن يستغلونها لمصالحهم... مثل استغلالهم الثورة الفرنسية لتحطيم الرابطة الدينية والخروج من (الجيتو).. واستغلال الدارونية لنشر الإلحاد والإباحية.. واستغلال الثورة الصناعية للسيطرة على اقتصاد العالم. واستغلال الديمقراطية لتوجيه السياسة الدولية.
وفي الباب الثالث: تناول المؤلف مظاهر العلمانية في الحياة الأوربية وقد اشتمل على:
- في الحكم والسياسة: تعرض فيه للفكر السياسي اللاديني وأشهر نظرياته ، مثل: "النظرية الخيالية، نظرية العقد الاجتماعي ، نظرية الحق الإلهي" ، ثم النظريات الحديثة التي تقوم على "الميكافيللية، فلسفة التطور، الديمقراطية "بتفسيرها الليبرالي والشيوعي ... منتقدا هذه النظريات مع عرض أثارها الواقعية ونتائجها.
- في الاقتصاد: تحدث فيه عن النظام الإقطاعي ثم عن المذاهب اللادينية الاقتصادية: "المذهب الطبيعي "الفيزيوقراطى" ، المذهب الكلاسيكي الرأسمالي، المذهب الشيوعي"، عارضاً نظريات كل مذهب. ثم عقب على ذلك بعرض الواقع المعاصر والنتائج التي نجمت عن فصل الاقتصاد عن الدين، مؤيداً كل ذلك بالشواهد الواقعية، سواء في الغرب الرأسمالي أو الشرق الشيوعي.
- العلم: تحدث فيه عن الأسس والملابسات التي قامت عليها لادينية العلم، مثل: موقف الكنيسة والإرث الديني والوثني في النفسية الأوربية، الذي يصور الإله عدواً للإنسان يتعمد تجهيله كما في سفر التكوين وأساطير الإغريق. ومظاهر لادينية العلم مثل "استبعاد الغائية والاكتفاء بالعلل الصورية، وحذف اسم الله من أي بحث علمي، والاستعاضة بتعبيرات ملتوية كما في مسألة أصل الحياة، وتعميم التفسيرات الميكانيكية للكون والحياة، ورفع شعار العلم للعلم في الغرب والعلم للمذهب في الدول الشيوعية"، معقبا بالحديث عن أثر الفصل بين العلم والدين في المجتمع المعاصر ونتائجه السيئة، مثل انتشار الإلحاد وظهور الفوضى العقائدية والقلق على الأجيال المثقفة واستحالة العلم نفسه إلى خطر يهدد البشرية جمعاً.
- الاجتماع والأخلاق: وقد مهد له بالحديث عن مجتمع وأخلاق القرون الوسطى في ظل الكنيسة ثم عرض النظريات والمدارس الاجتماعية اللادينية – مبتدأ بالحديث عن أصول وولادة علم الاجتماع – وهي "نظرية العقد الاجتماعي - المدرسة الطبيعية ، المدرسة الوضعية العقلية (كونت، دوركايم) النظرية الاجتماعية الشيوعية، النظرية العضوية والنفعيون، الدراسات النفسية الحديثة (السلوكية – التحليل النفسي)"، ثم أنهى هذا الموضوع بالحديث عن الواقع الاجتماعي والأخلاقي المعاصر وقد اكتفى بنموذج واحد، هو قضية المرأة وما نجم عنها من الشرور الاجتماعية المستطيرة. مقدما نماذج واقعية للهبوط الخلقي الشائن الذي تعانى منه المجتمعات اللادينية المعاصرة، شرقاً وغرباً.
- الأدب والفن، تحدث فيها عن الاتجاهات الأدبية الأوربية: عصر النهضة "الكلاسيكية الجديدة" وما هدفت إليه من بعث التراث الوثني الإغريقي وإنماء النزعة الإنسانية. والعصر الحديث: الرومانسية: تصويرها للهروب، ومثاليتها، تأليه الطبيعة. الواقعية: نشأتها، أهدافها، ميزاتها الفنية، الأدب المعاصر "من الواقعية إلى اللامعقول" المؤثرات الفكرية والاجتماعية فيه، اتجاهاته الكبرى: الإباحية، مع سرد نماذج لها، الضياع "اللاانتهاء" مع أمثلة أدبية له.
- ختم المؤلف هذا الباب بالحديث عن واقع النصرانية المعاصر، وماذا تبقى منها في حياة المجتمعات الأوروبية مع بيان الإفلاس الذي منيت به الكنائس وكيف أصبحت تجمع للمفاسد العصرية.
وفي الباب الرابع تناول المؤلف العلمانية في الحياة الإسلامية، عارضا لأسبابها ومظاهرها، وأرجع أنت السبب الرئيسي في غزو العلمانية للمجتمعات الإسلامية يعود إلى سببين رئيسيين:
الأول انحراف المسلمين عن دينهم: أوضح فيه صور ذلك الانحراف، لاسيما ما يتعلق منها بالتوحيد والعقيدة وانحسار مفهومات الإسلام في مجال الشعائر التعبدية بتأثير الأفكار الصوفية والركود الحضاري العام، واختتمه بنماذج لتقبل المسلمين الذاتي للعلمانية.
الثاني التخطيط اليهودي الصليبي: تحدث فيه عن جذور العداوة التاريخية للمسلمين من قبل اليهود والنصارى وأبديتها والخطة الجديدة للغزو، وإفادتها من الواقع الإسلامي المنحرف، وقسم المؤامرة أربعة أجنحة كبرى ( قوى الاحتلال المباشر، المستشرقون، المبشرون، الطوائف اليهودية والنصرانية، والباطنية). شارحا جهود وأعمال كل جناح في سبيل تحقيق الهدف المشترك: إخراج المسلمين من دينهم وصبغتهم بالصبغة الغربية اللادينية.
وأما أبرز مظاهر العلمانية في الحياة الإسلامية فقد اشتملت على ما يلي:
- في الحكم والتشريع، تحدث فيه عن بداية الانحراف المتمثلة في تخلف المسلمين الحضاري، وجمود الاستنباط الفقهي، وتوهم دعاة اليقظة بأن سبب تأخر المسلمين هو عجزهم التنظيمي والإداري وما أدى ذلك إليه من تبلور فكرة (الإصلاح). واستيراد التنظيمات ثم التشريعات الكافرة وكيف انتهي الأمر بالحركة الإصلاحية إلى العلمانية الكاملة في تركيا، وإلى إقصاء الشريعة في البلاد العربية، ومصر خاصة، بالتعاون بين الاستعمار ودعاة الإصلاح، وأثر ذلك في ظهور الأفكار السياسية اللادينية والأحزاب المتعددة الانتماءات.
- في التربية والثقافة: تحدث فيه عن المستوى التربوي والثقافي للعالم الإسلامي قبل احتكاكه بالحضارة الغربية اللادينية وكيف تمت الازدواجية الخطرة في التعليم. وحركة التغريب الأولى، ثم عن الدعوات الهادفة إلى لادينية التربية والثقافة، مثل: "الدعوة إلى اقتباس الحضارة الغربية خيرها وشرها، واحتقار الماضي الإسلامي تربوياً وتاريخياً، وتطوير الأزهر، وتطبيق المناهج التعليمية الغربية، واستيراد المذاهب اللادينية في الفكر والأدب".
- في الاجتماع والأخلاق: بدأه بالحديث عن سوء تمثيل المجتمع الإسلامي لحقيقة الإسلام، والتقبل الذاتي لتقليد الغرب: ثم فصل القول في (قضية تحرير المرأة)، ابتداء من جمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي، وانتهاء بقاسم أمين وحركة النهضة النسائية!. مع إيضاح دور العلماء والزعماء والأدباء الذين أسهموا في المؤامرة، وسريان الفكرة إلى بلاد الشام والمغرب فضلاً عن تركياً، والنتائج الواقعية لها.
وفي الباب الخامس تناول المؤلف حكم الإسلام في العلمانية: لكن قبل أن يذكر الموقف الشرعي من العلمانية أجاب على تساؤل: هل للعلمانية في العالم الإسلامي مبرر؟ موضحا الفروق الجوهرية بين الإسلام والنصرانية المحرفة عقيدة وشريعة وتاريخاً وواقعاً، مما ينفي أي مبرر عقلي لاسترداد هذا المذهب المنحرف.
ثم بعد ذلك بين موقف الإسلام من العلمانية على ضوء أصول العقيدة الإسلامية والمدلول الحقيقي لكلمة "لا إله إلا الله" ومفهومي "الطاغوت والعبادة" وخرج من ذلك بنتيجة هي أن العلمانية تتنافي مع الإسلام من جهتين:
- كونها حكما بغير ما أنزل الله.
- كونها شركاً في عبادة الله، وفصل القول في ذلك مورداً الأدلة من الآيات والأحاديث ومستشهداً بأقوال علماء السلف.
وقد قسم المؤلف كتابه إلى خمسة أبواب: تناول في الباب الأول دين أوروبا الذي انحرفت عنه إلى اللادينية، أثبت من خلاله تحريف الدين النصراني، وأنه لا يمثل دين الله الحق لا في العقيدة ولا في الشريعة. وتعرض بالنقد للتحريفات والبدع والخرافات النصرانية، وقد أفاض المؤلف في ذكر هذه الخرافات نظرا لأنه يعتبر أن السبب الأكبر في انحراف أوروبا كان من صنع الكنيسة، وأن على العكس من ذلك فإن الإسلام يحارب الخرافة كما يحارب الإلحاد، ومن ثم فليس هناك أي مبرر لنقل هذا المذهب إلى العالم الإسلامي.
وفي الباب الثاني تناول المؤلف بشيء من التفصيل أسباب ظهور العلمانية وانتشارها في أوروبا، وقد أرجعها المؤلف إلى عدد من الأسباب أهمها:
- الطغيان الكنسي: دينياً وسياسياً ومالياً، وقد أيد ذلك بالكثير من الشواهد التاريخية.
- الصراع بين الكنيسة والعلم، عرض فيه الصراع بينهما عرضاً تاريخياً منذ نظرية كوبرنيك، إلى نظرية نيوتن بمدرسة النقد التاريخي، ومذهب الربوبيين والملحدين الأوائل.
- الثورة الفرنسية: التي تمكنت من إقامة دولة لادينية في أوروبا النصرانية، موضحا الأسباب وراء ظهور هذه الدولة والآثار الناجمة عنها واستغلال القوى الهدامة لها.
- نظرية التطور: التي كانت إيذاناً بانتهاء وصاية الكنيسة الفكرية على أوروبا، وانسحابها من الميدان إلى الأبد.. وقد تحدث عن الآثار المدمرة للنظرية في الفكر والحياة وتطبيقها المريب في حقول المعرفة وميادين السلوك.
-اليهود: وقد أشار المؤلف أنه لا يمكن اعتبار اليهود سببا مستقلا؛ نظرا لأنهم لم يكونوا يصنعون الأحداث ولكن يستغلونها لمصالحهم... مثل استغلالهم الثورة الفرنسية لتحطيم الرابطة الدينية والخروج من (الجيتو).. واستغلال الدارونية لنشر الإلحاد والإباحية.. واستغلال الثورة الصناعية للسيطرة على اقتصاد العالم. واستغلال الديمقراطية لتوجيه السياسة الدولية.
وفي الباب الثالث: تناول المؤلف مظاهر العلمانية في الحياة الأوربية وقد اشتمل على:
- في الحكم والسياسة: تعرض فيه للفكر السياسي اللاديني وأشهر نظرياته ، مثل: "النظرية الخيالية، نظرية العقد الاجتماعي ، نظرية الحق الإلهي" ، ثم النظريات الحديثة التي تقوم على "الميكافيللية، فلسفة التطور، الديمقراطية "بتفسيرها الليبرالي والشيوعي ... منتقدا هذه النظريات مع عرض أثارها الواقعية ونتائجها.
- في الاقتصاد: تحدث فيه عن النظام الإقطاعي ثم عن المذاهب اللادينية الاقتصادية: "المذهب الطبيعي "الفيزيوقراطى" ، المذهب الكلاسيكي الرأسمالي، المذهب الشيوعي"، عارضاً نظريات كل مذهب. ثم عقب على ذلك بعرض الواقع المعاصر والنتائج التي نجمت عن فصل الاقتصاد عن الدين، مؤيداً كل ذلك بالشواهد الواقعية، سواء في الغرب الرأسمالي أو الشرق الشيوعي.
- العلم: تحدث فيه عن الأسس والملابسات التي قامت عليها لادينية العلم، مثل: موقف الكنيسة والإرث الديني والوثني في النفسية الأوربية، الذي يصور الإله عدواً للإنسان يتعمد تجهيله كما في سفر التكوين وأساطير الإغريق. ومظاهر لادينية العلم مثل "استبعاد الغائية والاكتفاء بالعلل الصورية، وحذف اسم الله من أي بحث علمي، والاستعاضة بتعبيرات ملتوية كما في مسألة أصل الحياة، وتعميم التفسيرات الميكانيكية للكون والحياة، ورفع شعار العلم للعلم في الغرب والعلم للمذهب في الدول الشيوعية"، معقبا بالحديث عن أثر الفصل بين العلم والدين في المجتمع المعاصر ونتائجه السيئة، مثل انتشار الإلحاد وظهور الفوضى العقائدية والقلق على الأجيال المثقفة واستحالة العلم نفسه إلى خطر يهدد البشرية جمعاً.
- الاجتماع والأخلاق: وقد مهد له بالحديث عن مجتمع وأخلاق القرون الوسطى في ظل الكنيسة ثم عرض النظريات والمدارس الاجتماعية اللادينية – مبتدأ بالحديث عن أصول وولادة علم الاجتماع – وهي "نظرية العقد الاجتماعي - المدرسة الطبيعية ، المدرسة الوضعية العقلية (كونت، دوركايم) النظرية الاجتماعية الشيوعية، النظرية العضوية والنفعيون، الدراسات النفسية الحديثة (السلوكية – التحليل النفسي)"، ثم أنهى هذا الموضوع بالحديث عن الواقع الاجتماعي والأخلاقي المعاصر وقد اكتفى بنموذج واحد، هو قضية المرأة وما نجم عنها من الشرور الاجتماعية المستطيرة. مقدما نماذج واقعية للهبوط الخلقي الشائن الذي تعانى منه المجتمعات اللادينية المعاصرة، شرقاً وغرباً.
- الأدب والفن، تحدث فيها عن الاتجاهات الأدبية الأوربية: عصر النهضة "الكلاسيكية الجديدة" وما هدفت إليه من بعث التراث الوثني الإغريقي وإنماء النزعة الإنسانية. والعصر الحديث: الرومانسية: تصويرها للهروب، ومثاليتها، تأليه الطبيعة. الواقعية: نشأتها، أهدافها، ميزاتها الفنية، الأدب المعاصر "من الواقعية إلى اللامعقول" المؤثرات الفكرية والاجتماعية فيه، اتجاهاته الكبرى: الإباحية، مع سرد نماذج لها، الضياع "اللاانتهاء" مع أمثلة أدبية له.
- ختم المؤلف هذا الباب بالحديث عن واقع النصرانية المعاصر، وماذا تبقى منها في حياة المجتمعات الأوروبية مع بيان الإفلاس الذي منيت به الكنائس وكيف أصبحت تجمع للمفاسد العصرية.
وفي الباب الرابع تناول المؤلف العلمانية في الحياة الإسلامية، عارضا لأسبابها ومظاهرها، وأرجع أنت السبب الرئيسي في غزو العلمانية للمجتمعات الإسلامية يعود إلى سببين رئيسيين:
الأول انحراف المسلمين عن دينهم: أوضح فيه صور ذلك الانحراف، لاسيما ما يتعلق منها بالتوحيد والعقيدة وانحسار مفهومات الإسلام في مجال الشعائر التعبدية بتأثير الأفكار الصوفية والركود الحضاري العام، واختتمه بنماذج لتقبل المسلمين الذاتي للعلمانية.
الثاني التخطيط اليهودي الصليبي: تحدث فيه عن جذور العداوة التاريخية للمسلمين من قبل اليهود والنصارى وأبديتها والخطة الجديدة للغزو، وإفادتها من الواقع الإسلامي المنحرف، وقسم المؤامرة أربعة أجنحة كبرى ( قوى الاحتلال المباشر، المستشرقون، المبشرون، الطوائف اليهودية والنصرانية، والباطنية). شارحا جهود وأعمال كل جناح في سبيل تحقيق الهدف المشترك: إخراج المسلمين من دينهم وصبغتهم بالصبغة الغربية اللادينية.
وأما أبرز مظاهر العلمانية في الحياة الإسلامية فقد اشتملت على ما يلي:
- في الحكم والتشريع، تحدث فيه عن بداية الانحراف المتمثلة في تخلف المسلمين الحضاري، وجمود الاستنباط الفقهي، وتوهم دعاة اليقظة بأن سبب تأخر المسلمين هو عجزهم التنظيمي والإداري وما أدى ذلك إليه من تبلور فكرة (الإصلاح). واستيراد التنظيمات ثم التشريعات الكافرة وكيف انتهي الأمر بالحركة الإصلاحية إلى العلمانية الكاملة في تركيا، وإلى إقصاء الشريعة في البلاد العربية، ومصر خاصة، بالتعاون بين الاستعمار ودعاة الإصلاح، وأثر ذلك في ظهور الأفكار السياسية اللادينية والأحزاب المتعددة الانتماءات.
- في التربية والثقافة: تحدث فيه عن المستوى التربوي والثقافي للعالم الإسلامي قبل احتكاكه بالحضارة الغربية اللادينية وكيف تمت الازدواجية الخطرة في التعليم. وحركة التغريب الأولى، ثم عن الدعوات الهادفة إلى لادينية التربية والثقافة، مثل: "الدعوة إلى اقتباس الحضارة الغربية خيرها وشرها، واحتقار الماضي الإسلامي تربوياً وتاريخياً، وتطوير الأزهر، وتطبيق المناهج التعليمية الغربية، واستيراد المذاهب اللادينية في الفكر والأدب".
- في الاجتماع والأخلاق: بدأه بالحديث عن سوء تمثيل المجتمع الإسلامي لحقيقة الإسلام، والتقبل الذاتي لتقليد الغرب: ثم فصل القول في (قضية تحرير المرأة)، ابتداء من جمال الدين الأفغاني ورفاعة الطهطاوي، وانتهاء بقاسم أمين وحركة النهضة النسائية!. مع إيضاح دور العلماء والزعماء والأدباء الذين أسهموا في المؤامرة، وسريان الفكرة إلى بلاد الشام والمغرب فضلاً عن تركياً، والنتائج الواقعية لها.
وفي الباب الخامس تناول المؤلف حكم الإسلام في العلمانية: لكن قبل أن يذكر الموقف الشرعي من العلمانية أجاب على تساؤل: هل للعلمانية في العالم الإسلامي مبرر؟ موضحا الفروق الجوهرية بين الإسلام والنصرانية المحرفة عقيدة وشريعة وتاريخاً وواقعاً، مما ينفي أي مبرر عقلي لاسترداد هذا المذهب المنحرف.
ثم بعد ذلك بين موقف الإسلام من العلمانية على ضوء أصول العقيدة الإسلامية والمدلول الحقيقي لكلمة "لا إله إلا الله" ومفهومي "الطاغوت والعبادة" وخرج من ذلك بنتيجة هي أن العلمانية تتنافي مع الإسلام من جهتين:
- كونها حكما بغير ما أنزل الله.
- كونها شركاً في عبادة الله، وفصل القول في ذلك مورداً الأدلة من الآيات والأحاديث ومستشهداً بأقوال علماء السلف.
ليست هناك تعليقات