سنرجــع يومـــا
شعر: هارون هاشم رشيد
سنرجع يوماً إلى حينا
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
وتنأى المسافات ما بيننا
فيا قلب مهلاً
ولا ترتمي على درب عودتنا
يعز علينا غداً
أن تعود رفوف الطيور ونحن هنا.
هنالك عند التلال تلال
تنام وتصحو على عهدنا
وناس هم الحب أيامهم
هدوء انتظار شجي الغنا.
ربوع مدى العين صفصافها
على كل ماء وها فانحنى
تعب الزهيرات في ظله
عبير الهدوء وصفو الهنا.
سنرجع خبرني العندليب
غداة التقينا على منحنى
بأن البلابل لما تزل
هناك تعيش بأشعارنا
وما زال بين تلال الحنين
وناس الحنين, مكان لنا
فيا قلب كم شردتنا الريح
سنرجع يوماً إلى حينا...
الحنين إلى الأوطان والأهل والأحباب، من رقة القلب، وعلامات الرشد لما فيه من
الدلائل على كرم الأصل، وتمام العقل.
ولقد عرف العربي حب الوطن والحنين إليه منذ أقدم الأزمان، فحمل لنا الشعر العربي
صوراً رائعة من أشواق الشعراء وحنينهم إلى أوطانهم ومرابعهم ومراتع صباهم
فيندر أن تجد قصيدة عربية إلاّ وبها حنين إلى الوطن أو ذكر المنازل والديار، ولا غرو
في ذلك فالأرض قطعة من الإنسان لا يستطيع نسيانها متى حل أو رحل وهل يستطيع
الإنسان أن ينسى نفسه؟
*****************
*وأول ما يطالعنا في هذا الموضوع بيت امرئ القيس:
وقد طوفت في الآفاق حتى
.....................رضيت من السلامة بالإياب
*******************
*أما -ابن الرومي- فيوضح لنا بجلاء السبب في حب الأوطان عند العرب بقوله:
ولي منزل آليت ألا أبيعه
.................زوألاّ أرى غيري له الدهر مالكا
عمرت به شرخ الشباب منعما
.................بصحبة قوم أصبحوا في ظلالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه
..............لها جسد، إن غاب غودر هالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم
.................مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم، ذكّرتهم
........................عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
*****************************
*ويحكى أنه عندما كان ابن جبير في دمشق قُطِع أحد الأغصان الصغيرة من شجرة
كبيرة فأنشد قائلا:
لا تغترب عن وطن
..............واحذر تصاريف النوى
أما ترى الغصن إذا
..................ما فارق الأصل ذوى؟!
*****************************
*ولا يعرف معنى الحنين إلى الوطن إلا من ذاق مرارة البعد وقسوة الاغتراب، تقول
وجيهة بنت أوس الضبية عندما لامتها امرأة على شوقها لأرض عشيرتها:
وعاذلة هبت تلومني
..................على الشوق لم تمح الصبابة من قلبي
فما لي إن أحببت أرض عشيرتي
.................وأغضبت طرفاء القصيبة من ذنب
*****************************
وقد سئلت زينب أم حسان الضبية وكان أهلها قد زوجوها واحتملوها من البادية إلى
الحضر: أليس هذا الحضر أطيب مما كنت فيه أيام مقامك في نجد؟ فقالت:
فيا حبذا نجد وطيب ترابه
..........إذا هضبته بالعشي هواضبه
وريح صبا نجد إذا ما تنسمت
..............ضحى أو سرت جنح الظلام جنائبه
وأقسم لا أنساه مادمت حية
..............ومادام ليل من نهار.. يعاقبه
*********************************
*وقال ابن حمدون المالقي الأندلسي في الحنين إلى وطنه:
تناءت ديار قد ألفت وجيرة
...........فهل لي إلى عهد الوصال إياب؟
وفارقت أوطاني ولم أبلغ المنى
............ودون مرادي أبحر وهضاب
وفارقت من غرب البلاد مواطنا
..........فيسقي ربا غرب البلاد سحاب
فبالقلب من نار التشوق حرقة
..........وبالعين من فيض الدموع عباب
***********************
*ومهما بعد الانسان عن وطنه، ومهما كانت البلاد التي تضمه فإنه لا بد أن يحن إلى
وطنه، بل إن شوقه سيتضاعف حتما إذا كانت بلاده التي يحن إليها تضم بيت الله وقبلة
ذكـريات فاحــت بريــــا الجنـــــــــان =فسبت خاطـري وهزت جنــــانــي
عمـــــر في دقيقـــة مستعــــــــــــــاد= ودهـــور مطلــــة في ثوانـــــــــي
فكأن الماضي تأخــر في النفـــس=أو استرجعـت صداه الأمانـــي
ما وجـدنا وراءهــــا غيـر غابــــــات=وحوش مـن الدمــاء قوانــــــي
لم تهوم للنوم عين ولـم تهـــــــدأ=لنا مهجـــــــة مـن الخفقــــــــان
ما يهـب النسيــــم إلا وجدنــــــــا =طيــــهُ زفـــــرة مـن الأوطـــــــــان
تحمــل الطــل للريــاض و تذكـــي =في الحشا لفـحــــة من النيــــران
آه ويح الغريـب مــــاذا يقـــاســـي =من عـذاب النـــوى وماذا يعانــــي
كُشفت لي في غربتي ســــــوءة=الدنيا ولاحت هِِناتها لعِِيانــــي
كلمــــا نلـــــت لـــذة أنـذرتنـــــي =فتلفـــت خيفـــــة مـن زمانــــــي
وإذا رمـــت بسمـــــة لاح مــــرآي =وطنــــي فاستفــــزني ونهانــــي
ليس في الأرض للغــريب ســـوى الدمع= ولا في السماء غير الأماني
حطميني يا ريح ثم انثـــري أشـــلاء= روحـــى في جو تلك الجنــــــــان
وزعينــي في كل حقل على الأز=هار بيـــن القـــــــدود والأغصـــــــــان
زفراتي طـوفـــي سمـــــاء بــــلادي= وانهلي مــن شعاعهــــــا الريــــــان
أطفئي لوعتي بها واغمسي روحي =فيها وبــــــــــردي ألحـــــانــــــي
وصِلي جيرتي وأهلـــــي وأحبابـــي =وقصي عليهمــو مــا دهانـــــــي
وانثـــري فــــي ثراهمــــو قبلاتــــي= واملئي رحب أفقهـــــم من جنــاني
وسليهم ما تصنع الروضــــة الغَّنـــــا=وأدواحهـــا الطــــوال الدوانــــي
هل رثانـي هـــزارها هــل بكانـــــي= ورقهـــا هـل شجاه مـا قد شجانـي
ليت للروض مهجـــة فلعـــل= الدهـــر يبكيــــــــه مثــــــــــــل مـــا أبكانـي
طاردتني البـلاد تستنبــط الخالـــص=مـن منطقــي ومــن وجدانـــــــي
ورمت بي كي تستريح لآهـاتــــــي= وألحاني العــــذاب الحســـــــــان
ليس تهوى منى سوى الصــــــــوت= يشجيها وإن كان فيه هـدم كيـافي
يُقتني العود غاليا ثم لا يرجـــــــــى =انتفـاع منــه بغيـــــر الدخــــــات
فلئن لم أعد إليها فقــد خلـــــدت =في سمعها شجـيَّ الأغانـــــــي
وطني أنت نفحـــة الله مـــا تبـــــرح= لا عــن قلـــبي ولا عـــن لسانــــــي
صنع الله منـــــــك طينـــــــة قلبــي= وبرى مــن شـــــــذاك روح بيانـــــي
هاك ما قـــد طهرتــه لك في دمعي =ومـا قــــد صهرتــــــه في جَنانـــــي
شعلة القلب لو أُذيعـــت لقالــــــوا = مــر عبـــر الأثيــــر نصــــل
ونغرق في دافئات المنى
سنرجع مهما يمر الزمان
فيا قلب كم شردتنا الريح
الحنين إلى الأوطان والأهل والأحباب، من رقة القلب، وعلامات الرشد لما فيه من
الدلائل على كرم الأصل، وتمام العقل.
ولقد عرف العربي حب الوطن والحنين إليه منذ أقدم الأزمان، فحمل لنا الشعر العربي
صوراً رائعة من أشواق الشعراء وحنينهم إلى أوطانهم ومرابعهم ومراتع صباهم
فيندر أن تجد قصيدة عربية إلاّ وبها حنين إلى الوطن أو ذكر المنازل والديار، ولا غرو
في ذلك فالأرض قطعة من الإنسان لا يستطيع نسيانها متى حل أو رحل وهل يستطيع
الإنسان أن ينسى نفسه؟
*****************
*وأول ما يطالعنا في هذا الموضوع بيت امرئ القيس:
وقد طوفت في الآفاق حتى
.....................رضيت من السلامة بالإياب
*******************
*أما -ابن الرومي- فيوضح لنا بجلاء السبب في حب الأوطان عند العرب بقوله:
ولي منزل آليت ألا أبيعه
.................زوألاّ أرى غيري له الدهر مالكا
عمرت به شرخ الشباب منعما
.................بصحبة قوم أصبحوا في ظلالكا
فقد ألفته النفس حتى كأنه
..............لها جسد، إن غاب غودر هالكا
وحبب أوطان الرجال إليهم
.................مآرب قضاها الشباب هنالكا
إذا ذكروا أوطانهم، ذكّرتهم
........................عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا
*****************************
*ويحكى أنه عندما كان ابن جبير في دمشق قُطِع أحد الأغصان الصغيرة من شجرة
كبيرة فأنشد قائلا:
لا تغترب عن وطن
..............واحذر تصاريف النوى
أما ترى الغصن إذا
..................ما فارق الأصل ذوى؟!
*****************************
*ولا يعرف معنى الحنين إلى الوطن إلا من ذاق مرارة البعد وقسوة الاغتراب، تقول
وجيهة بنت أوس الضبية عندما لامتها امرأة على شوقها لأرض عشيرتها:
وعاذلة هبت تلومني
..................على الشوق لم تمح الصبابة من قلبي
فما لي إن أحببت أرض عشيرتي
.................وأغضبت طرفاء القصيبة من ذنب
*****************************
وقد سئلت زينب أم حسان الضبية وكان أهلها قد زوجوها واحتملوها من البادية إلى
الحضر: أليس هذا الحضر أطيب مما كنت فيه أيام مقامك في نجد؟ فقالت:
فيا حبذا نجد وطيب ترابه
..........إذا هضبته بالعشي هواضبه
وريح صبا نجد إذا ما تنسمت
..............ضحى أو سرت جنح الظلام جنائبه
وأقسم لا أنساه مادمت حية
..............ومادام ليل من نهار.. يعاقبه
*********************************
*وقال ابن حمدون المالقي الأندلسي في الحنين إلى وطنه:
تناءت ديار قد ألفت وجيرة
...........فهل لي إلى عهد الوصال إياب؟
وفارقت أوطاني ولم أبلغ المنى
............ودون مرادي أبحر وهضاب
وفارقت من غرب البلاد مواطنا
..........فيسقي ربا غرب البلاد سحاب
فبالقلب من نار التشوق حرقة
..........وبالعين من فيض الدموع عباب
***********************
*ومهما بعد الانسان عن وطنه، ومهما كانت البلاد التي تضمه فإنه لا بد أن يحن إلى
وطنه، بل إن شوقه سيتضاعف حتما إذا كانت بلاده التي يحن إليها تضم بيت الله وقبلة
ذكـريات فاحــت بريــــا الجنـــــــــان =فسبت خاطـري وهزت جنــــانــي
عمـــــر في دقيقـــة مستعــــــــــــــاد= ودهـــور مطلــــة في ثوانـــــــــي
فكأن الماضي تأخــر في النفـــس=أو استرجعـت صداه الأمانـــي
ما وجـدنا وراءهــــا غيـر غابــــــات=وحوش مـن الدمــاء قوانــــــي
لم تهوم للنوم عين ولـم تهـــــــدأ=لنا مهجـــــــة مـن الخفقــــــــان
ما يهـب النسيــــم إلا وجدنــــــــا =طيــــهُ زفـــــرة مـن الأوطـــــــــان
تحمــل الطــل للريــاض و تذكـــي =في الحشا لفـحــــة من النيــــران
آه ويح الغريـب مــــاذا يقـــاســـي =من عـذاب النـــوى وماذا يعانــــي
كُشفت لي في غربتي ســــــوءة=الدنيا ولاحت هِِناتها لعِِيانــــي
كلمــــا نلـــــت لـــذة أنـذرتنـــــي =فتلفـــت خيفـــــة مـن زمانــــــي
وإذا رمـــت بسمـــــة لاح مــــرآي =وطنــــي فاستفــــزني ونهانــــي
ليس في الأرض للغــريب ســـوى الدمع= ولا في السماء غير الأماني
حطميني يا ريح ثم انثـــري أشـــلاء= روحـــى في جو تلك الجنــــــــان
وزعينــي في كل حقل على الأز=هار بيـــن القـــــــدود والأغصـــــــــان
زفراتي طـوفـــي سمـــــاء بــــلادي= وانهلي مــن شعاعهــــــا الريــــــان
أطفئي لوعتي بها واغمسي روحي =فيها وبــــــــــردي ألحـــــانــــــي
وصِلي جيرتي وأهلـــــي وأحبابـــي =وقصي عليهمــو مــا دهانـــــــي
وانثـــري فــــي ثراهمــــو قبلاتــــي= واملئي رحب أفقهـــــم من جنــاني
وسليهم ما تصنع الروضــــة الغَّنـــــا=وأدواحهـــا الطــــوال الدوانــــي
هل رثانـي هـــزارها هــل بكانـــــي= ورقهـــا هـل شجاه مـا قد شجانـي
ليت للروض مهجـــة فلعـــل= الدهـــر يبكيــــــــه مثــــــــــــل مـــا أبكانـي
طاردتني البـلاد تستنبــط الخالـــص=مـن منطقــي ومــن وجدانـــــــي
ورمت بي كي تستريح لآهـاتــــــي= وألحاني العــــذاب الحســـــــــان
ليس تهوى منى سوى الصــــــــوت= يشجيها وإن كان فيه هـدم كيـافي
يُقتني العود غاليا ثم لا يرجـــــــــى =انتفـاع منــه بغيـــــر الدخــــــات
فلئن لم أعد إليها فقــد خلـــــدت =في سمعها شجـيَّ الأغانـــــــي
وطني أنت نفحـــة الله مـــا تبـــــرح= لا عــن قلـــبي ولا عـــن لسانــــــي
صنع الله منـــــــك طينـــــــة قلبــي= وبرى مــن شـــــــذاك روح بيانـــــي
هاك ما قـــد طهرتــه لك في دمعي =ومـا قــــد صهرتــــــه في جَنانـــــي
شعلة القلب لو أُذيعـــت لقالــــــوا = مــر عبـــر الأثيــــر نصــــل
مافهمت شي قرأت كلشي عالفاضي
ردحذف